التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الأول
6- إثبات صفتي المشيئة والإرادة
[وقوله: رسم> وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قرآن> رسم> [الكهف: 39]. آية> وقوله: رسم> وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ قرآن> رسم> [البقرة: 253]. آية> وقوله: رسم> أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ قرآن> رسم> [المائدة: 1]. آية> وقوله: رسم> فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ قرآن> رسم> [الأنعام: 125]. آية> ] .
هذه الآيات تدل على إثبات صفتي المشيئة والإرادة، فقد وصف الله تعالى نفسه بأنه يشاء، وبأنه يريد رأس> كما في هذه الآيات: قوله: رسم> وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا قرآن> رسم> وقوله: رسم> وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ قرآن> رسم> وقوله: رسم> إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ قرآن> رسم> والمشيئة والإرادة متقاربان، إلا أن الإرادة تنقسم إلى قسمين:
الأول: إرادة شرعية دينية.
الثاني: إرادة كونية قدرية.
فالإرادة الشرعية رأس> هي التي تتعلق بالمأمورات، وبما يحبه الله ويرضاه، فإن الله تعالى أراد من عباده شرعا أن يطيعوه ويوحدوه ويفعلوا ما يحبه ويرضاه، أراد منهم شرعا أن يؤمنوا به وأن يعبدوه حق عبادته، وأراد منهم شرعا أن يصلوا ويزكوا ويصوموا ويحجوا و... و... إلخ. هذه إرادة شرعية.
وأما الإرادة الكونية القدرية رأس> فهي أنه -سبحانه- أراد كل ما حدث ويحدث في الوجود، فكل ما في الوجود فهو داخل في إرادته الكونية القدرية، حيث لا يخرج شيء عن إرادته.
فالإرادة الكونية عامة لكل ما هو حادث من خير أو شر، من معصية أو طاعة، من مصيبة ونقمة، أو نعمة ورخاء، فإن الله سبحانه هو الذي كتبها وأرادها، ولو شاء ما حصلت، قال تعالى: رسم> وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ قرآن> رسم> [الأنعام:112]. آية> رسم> وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ قرآن> رسم> [التكوير: 29]. آية> رسم> وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ قرآن> رسم> [المدثر: 56]. آية> فلا يذكرون شيئا إلا وقد أرداه الله وقدره، إرادة كونية قدرية، فهذه الإرادة عامة ويراد بها المشيئة.
والإرادة الشرعية خاصة كما في قوله تعالى: رسم> يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ قرآن> رسم> [النساء: 26]. آية> رسم> وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ قرآن> رسم> [النساء: 27]. آية> وقد تجتمع هاتان الإرادتان في إيمان المؤمنين وطاعة الطائعين؛ لأن ذلك يكون عن إرادة كونية قدرية، ثم عن إرادة شرعية دينية.
وأما كفر الكافرين ومعصية العاصين، فهي إرادة كونية قدرية وليست شرعية دينية؛ لأنها ليست مما يحبه الله ويرضاه، بل أراده سبحانه لحكم عظيمة قد ندركها وقد لا ندركها.
فإذا فهمنا ذلك الفهم سلمنا من تحريف بعض النصوص أو تعطيلها.
مسألة>